الثلاثاء 21 يونيو 2011 12:03
سما - جمانه فرحات_الاخبار:
تكثر الملفات التي تعتقد الولايات المتحدة بوجوب العمل على معالجتها فياليمن، بينها استقرار جنوب اليمن، الذي يطالب تيار واسع فيه بضرورة فكالارتباط عن الشمال
في موازاة رغبتها في ملاحقة عناصر تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»،ترى الولايات المتحدة أنه لا بد من ضمان استقرار البيئة السياسية في جنوباليمن، حيث من المفترض أن تنشط قواتها لمكافحة عناصر التنظيم، ولا سيما أنالعلاقة بين النظام اليمني، والمواطنين الجنوبيّين قد تردّت إلى درجة باتتمعها قدرتهم على التعايش مع النظام بتركيبته الحالية مستحيلة، وهو ما دفعهمإلى رفع مطالب سياسية بضرورة التغيير في مقابل لجوء البعض إلى رفع السلاحفي بعض المناطق، وإخراجها عن سلطة الدولة المركزية.
وتدرك الولايات المتحدة جيداً أن تيارين رئيسيّين يتنازعان المشهد علىالساحة الجنوبية. الأول يصر على مطلب فك الارتباط بين الشمال والجنوب،ويتزعمه نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، من مبدأ أن الوحدة التيكان البيض طرفاً في إقرارها، أثبتت فشلها بعدما عمد النظام اليمني،وتحديداً الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، إلى محاولة إلغاء الهويةالجنوبية، وتهميش الجنوبيين. وبالتالي يصر المنضوون في هذا التيار على أنتغيير النظام إن حصل، لن يثنيهم عن المطالبة بفك الارتباط، وخصوصاً أنهميرون أن التظاهرات التي أطلقها الحراك الجنوبي منذ عام 2007، قوبلت طوالالسنوات السابقة بآذان صمّاء في الشمال، وغاب معها أي تضامن مع أعضاءالحراك الجنوبي، الذين واجهوا الاعتقال والسجن وحتى القتل في إطار تصديالسلطات لهم على غرار غياب التضامن الذي عايشه أبناء الجنوب خلال حرب عام1994، عندما ثُبّتت الوحدة بالقوة.
في المقابل، يجادل التيار الثاني، بأن فشل الوحدة يتحمله صالح نفسه، لأنخطواته الإقصائية كانت نابعة بالدرجة الأولى من نزعته إلى التفرد في حكمالبلاد شمالاً وجنوباً، على حد سواء، وأنّ الشماليين قد عانوا ممارسات صالحبالقدر نفسه الذي عاناه الجنوبيون، وبالتالي فإن الوحدة اليمنية تستحق أنتنال فرصة جديدة في حال سقوط النظام، على أن تكون مبينة على أسس جديدة، ومنبينها النظام الفدرالي.
وفي السياق، يرى هذا التيار نفسه طرفاً لا يتجزأ من الثورة التي تشهدهاالبلاد حالياً، بل يذهب إلى أبعد من ذلك باعتبار أنه كان له الدور المركزيفي تهيئة البيئة اليمنية أمام استخدام ورقة الشارع ضد النظام، نتيجةالتظاهرات المتعددة التي شهدتها المحافظات الجنوبية منذ أكثر من ثلاثسنوات، والتي تدرجت من مطالبات بمجموعة من الحقوق الاجتماعية إلى مطالبسياسية، حاول مؤيدو فك الارتباط أن يكون صوتهم هو الأعلى فيها.
وتأسيساً على ذلك، تبدي واشنطن منذ فترة انفتاحاً على الاجتماع بمختلفالأطياف السياسية المعنية بالوضع الجنوبي، سواء تلك المقيمة داخل اليمن أوخارجه، ولا سيما أن التيارين بدآ منذ فترة بترتيب أوراقهما لمرحلة ما بعدصالح.
وبعد أقل من شهر على انعقاد مؤتمر «القضية الجنوبية» في القاهرة، بحضورالرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد ورئيس وزراء اليمن الأسبق حيدر أبوبكر العطاس، اللذين يعملان على اعتماد الخيار الفدرالي حلاً للأزمةالجنوبية، أعلن أحمد عمر بن فريد، المنضوي ضمن تيار الاستقلال الجنوبي، أن«عدداً كبيراً من أبناء الجنوب في الخارج سيعقدون لقاءً تشاورياً في مدينةبروكسل البلجيكية يومي 25و26 من هذا الشهر لتبادل الأفكار والتصورات»،وصولاً إلى عقد «مؤتمر وطني جنوبي» يجمع «المؤمنين بهدف الاستقلال لشعبالجنوب على نحو واضح لا لبس فيه»، مؤكداً أن اللقاء يحظى بمباركة البيض.
وعلى صعيد متصل، تحدثت معلومات عن أن دبلوماسيين أميركيين أجروا لقاءات قبلفترة وجيزة بالبيض في إحدى العواصم الأوروبية، ركّزوا خلالها على الاستماعإلى وجهة نظره بشأن الأحداث، حيث أعاد التأكيد على مطلب فك الارتباط،مقدّماً إياه على أنه الحل الوحيد للأزمة الجنوبية.
في المقابل، أكد مصدر محسوب على تيار المطالبين بمنح الوحدة بين الشمالوالجنوب فرصة ثانية، وجود تواصل مع الأميركيين، نافياً في الوقت نفسه ماأشيع عن قيام وفد بريطاني سياسي بزيارة الجنوب ولقاء عدد من قادة الحراك،مؤكّداً أن الزيارة كانت لوفد إعلامي فقط.
وشدد المصدر على وجود «تواصل مع من يهتم بالوضع اليمني، ولا سيما في ظلالموقع الاستراتيجي الذي يتمتع به الجنوب»، مؤكداً أن الحل للجنوب يجب أنيقوم على دولة مدنية حديثة تقوم على إعادة هيكلة النظام السياسي لليمن، بمايسمح بإرضاء الجنوبيين ويضمن إبقاء الوحدة على أسس جديدة. ووفقاً للمصدر«تحولت الوحدة من مشروع حضاري إلى مشروع ذل واستنزاف للأرض، وبعدما كانالملايين قد خرجوا للاحتفال بها انتقلوا خلال سنوات معدودة إلى انتقادهاورفضها».
أما عن البديل الذي يطرحه تيار البيض، فلم ينكر المصدر أن هناك قطاعاًواسعاً يطالب بفك الارتباط، مشيراً الى أن حسم أيّ من الخيارين يجب أن يجريبالاستماع إلى أبناء الجنوب ومعرفة ماذا يريدون، وخصوصاً أن الثورة علىوشك الانتهاء، محذراً في الوقت نفسه مما يجري من أحداث راهنة في اليمن. وأشار إلى أن «الوضع مأساوي في عموم البلاد، ولا سيما أن البلاد في حالةثورة، وأنها دخلت في متاهات عدة نتيجة ما يحدث، أما في الجنوب، فالمأساةمضاعفة، لأنه مهمل في الأساس منذ قيام الوحدة، فيما لطالما كانت الدولةغائبة بمؤسساتها عنه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق