تحرير / محمد الزعوري
ها نحن نشهد تدمير آخر
صروح الجنوب في طور الباحة ، بعد أن قضي تماما على مشروع المياه الذي ضل يغذي معظم
قرى ومناطق طور الباحة بالمياه منذ ثمانينات القرن الماضي حتى وقت قريب ، ثم امتدت
يد الخراب إلى مشروع الكهرباء فجعلوه اثر بعد عين ، ولم يبقوا لنا من التعليم سوى
الاسم فقط ، وها نحن اليوم نشهد تدمير آخر صروح الجنوب ألا وهو مستشفى طور الباحة بصورة
منظمة وممنهجة تنبئ عن حقد ووقاحة ليس لهما حدود .. كانت هذه المستشفى في يوم ما مكتظة
بالمرضى الذين يأتوا إليها من كل حدب وصوب
للعلاج مجانا من الكشف حتى إجراء العمليات .. وبعد 1994م أصبحت أشبه بالعيادة
الخاصة تقدم خدماتها بالمال ورغم ذلك لم يكن لأبناء الصبيحة غيرها كما يقول احدهم
.. لا تكاد تخطوا بقدميك في ساحتها حتى
تلمس حجم الدمار الذي أصاب هذا المرفق الإنساني الوحيد .. وسترى بأم عينيك مستوى
العبث والاستهتار بأرواح الناس .. حينها ستعرف أن لم تكن تعرف حتى الآن حقيقة من يسوس هذه البلاد .. وستعرف ماذا يخطط
لنا الأعداء .. و وستدرك أن الترقيع لا يحل المشكلة أبدا .. وستخرج بحقيقة واحدة أن
سبب ذلك لا يتعلق بالأفراد الذين أداروها ولا بالموظفين الذين يعملون بها .. لا
بالمطلق .. إنها سلطة احتلال لا تستريح أبدا إلا إذا رأت الناس يتعذبون .. ولا
تطمئن على بقائها إلا بتدمير ما تبقى من مشاريعهم الحيوية .. إنها سياسة تنفذ
بعناية لتركيع الأحرار في كل مناطق الجنوب .. والنتيجة هاهي المستشفى خاوية على عروشها لا يسكنها إلا
الفئران والحشرات والقطط ، أسرة حديديه يكسوها الغبار وأجهزة متناثرة هنا وهناك في
الممرات والغرف وحتى خارج المبنى ، وكأنه مبنى مهجور منذ سنوات خلت ، تنقلت بمعية
احد الأصدقاء في أجنحة التمديد فهالني ما رأيت ، ينتابك الألم والأسى من الحال
التي وصلت إليه ، لا تدري هل أنت في مستشفى أم مخزن للخردة والتوالف جيء بها من كل
مكان لتستقر هنا بين الأتربة والأوساخ وبقايا الأدوية والقرب المعلقة .. انه أمر
يبعث على الحزن أن تصل إحدى منجزات دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (
مستشفي الشهيد الطيار علي مقبل علي ) إلى
الدمار الكامل كعقاب جماعي تنفذه سلطة الاحتلال عبر ذيولها وعملاها في منطقة
الصبيحة .
ففي إطار جولتي
للوقوف على مصير المستشفى للتعرف على الأسباب والدوافع التي تقف وراء ذلك العبث
الذي طال المستشفى وأيضا من يقف وراء إغلاقها بالكامل والتي كانت تخلو تماما من الموظفين
عدا مجموعة من الشباب الذين أفادوا بأنهم متطوعون منذ ما قبل العيد بأيام وهم
يحرسون المبنى والممتلكات التي بداخله وحمايتها من النهب الذي قد يقدم عليه ضعاف
النفوس الذين قد يستغلوا هذه الحالة
الشاذة لوضع مستشفى يفترض أنها تقدم خدماتها ليل نهار لا أن يتم إغلاقها بمباركة
ما يسمى السلطة المحلية ، وها نحن نقدم
هذا الاستطلاع للرأي العام في الصبيحة للمساهمة بإظهار الحقيقة وكل ما ذكر أدناه
إنما يعبر عن قائليه وهم معنيون بالدفاع عن أقوالهم حتى تظهر الحقيقة بكل أبعادها
، وسوف تكون لنا لقاءات مع الآخرين للرد حسب الأعراف الصحفية حينما نتمكن من
اللقاء بهم .
·
وليد نعمان راشد الذي أفاد بأنه مكلف بإدارة المستشفى من قبل مدير الأمن
وذلك بعد أن قدم المدير السابق استقالته ، وقد أجاب عن سؤالنا عن حال المستشفى
وكيف آلت إلى هذه الوضع المزري قائلا : ( إنني من يوم وقفة عرفة أي قبل عيد الأضحى
تاريخ 25/10 م الشهر الماضي وأنا مرابط ليل نهار مع مجموعة من الشباب متحملا
تكاليف حراستهم للمستشفى والمعدات التي يقدر قيمتها بالملايين .. وأنا أقوم بهذا
الدور بعد أن تم تكليفي بإدارة المستشفى من قبل مدير الأمن باعتباري كنت نائبا
للمدير السابق بعد أن قدم استقالته .. وعن سبب توقف المستشفى عن العمل قال : ( لقد
وجهت العديد من الرسائل للموظفين والدكاترة والممرضين إلا أن أحدا لم يستجب لها ..
وهذا يبدوا أن السلطة المحلية قد قامت بتحريضهم على عدم المداومة ) وعن علاقة
السلطة المحلية بذلك قال : ( لقد بدأت المشكلة عند قيام مدير المستشفى السابق
ببناء غرفة مستحدثة داخل حرم المستشفى بالقوة لكي يجعلها صيدلية خاصة ) .
الغرفة المستحدثة من قبل المدير السابق حلمي المكمحي كصيدلية خاصة |
·
وبعد البحث المضني عن موظف في المستشفى يمكن أن يمدنا
بمعلومات مفيدة ويكون بعيدا عن الصراع الدائر في المستشفى تمكنت من الالتقاء بالأخ
سلطان الحميدي – مساعد طبيب عام – مسئول العيادات الخارجية في المستشفى الذي أفادنا
بالقول : ( بسبب الصراع الدائر بين المدير العام للمديرية ومدير المستشفى السابق (
حلمي المكمحي ) أدى إلى تدهور العمل وهروب العاملين .. ومن ثم إغلاق المستشفى
نهائيا قبل العيد بيومين ) وقال موضحا : ( لقد تم استدعائي للعمل بعد الإغلاق من
قبل المدير العام ومكتب الصحة واستجبت للدعوة وعملت فترة العيد (أربع أيام ) أحظرت
خلالها القابلات وعامل الأشعة وعامل المختبر واثنين ممرضين وقمنا بواجبنا الإنساني
والمهني .. ) مبيننا : ( انه قد قام بالاتصال بالمدير العام للمديرية ولكن للأسف
كان دائما تلفونه مغلق .. وبعدها قمت بالاتصال بمدير مكتب الصحة بالمديرية وأشعرته
بذلك وقد أبدا استعداده لمساعدتنا ولكنه قال لي : ( إن وضع المستشفى ليس بيده وهذه
مصلحة المجتمع وعلى الجميع أن يتحركوا وهو سيكون معهم ) وفي نهاية حديثة قال سلطان
الحميدي : ( حاليا المستشفى بحاجة إلى وقفة جادة من قبل الجميع .. مذكرا إن هذا
المرفق الصحي الوحيد في المديرية والذي ورثناه من دولة الجنوب ( ج.ي.د.ش) والذي
يقدم خدماته لعدد من مديريات المحافظة الأخرى ) .
الاجهزة الطبية في الممرات يكسوها الاتربة |
·
أما الشيخ عبده شعلان الذي كان متواجدا في المستشفى فقد
أجاب عن تساؤلنا السابق بالقول : ( إن المستشفى تتعرض لمؤامرة من قبل السلطة
المحلية لإنهاء خدماتها .. فقد تركوها بوضع حرج بدون أي طاقم طبي وبدون حراسة
فلولا تدخل الشباب لحراستها لتم السطو على ممتلكاتها ..) وقال مشددا : ( السلطة
المحلية تتصارع على تقاسم الوظائف الحكومية وتركت أبناء المديرية بدون خدمات )
مؤكدا ( إن المديرية في حالة مزرية في ضل توقف الخدمات من ماء وكهرباء وأخيرا
المستشفى .. إنها تفتقر لأبسط مقومات الحياة .. إنها حرب ممنهجة ومتعمدة تمارسها
السلطة المحلية والتي لم تقم بواجبها .. هناك انفلات امني وتقطعات حتى إن أحدا لم
يستطع إسعاف مريضه بسبب ذلك ) مبينا سبب إغلاق المستشفى قائلا : ( إن خلافات بين
المدير السابق للمستشفى والسلطة المحلية انعكست على أداء عمل المستشفى ) مستدركا (
إن السلطة المحلية قامت بتحريض العمال بحسب قولهم أن لا يحظروا للعمل وذلك حتى لا
يقوم المكلف الجديد بمهامه .. متناسين أن إغلاق المستشفى يتعلق بأرواح الناس ) .
بقايا ادوية معلقة منذ اكثر من شهر |
·
ويقول الأستاذ عادل علي عوض القيادي في الثورة الحراك الجنوبي ( إن
دولة الاحتلال تقوم بتدمير المرافق الخدمية بصورة ممنهجة وتتخلى عن مسؤوليتها تجاه السكان ، وتدمير
المستشفى يوضح بجلاء حقيقة الاحتلال اليمني وأذنابه الذين يريدون من وراء ذلك
النيل من أبناء الصبيحة الأحرار وإثنائهم عن مواقفهم البطولية مع إخوانهم ثوار الجنوب
ولكن هيهات فثورتنا ماضية إلى النهاية ، ولن توقفنا هذه الأعمال الدنيئة المخالفة
لكل القيم الدينية والإنسانية )
·
أما الناشط
السياسي عبد الرحيم صالح غالب قال واصفا الوضع : ( بان السبب الحقيقي وراء كل
المآسي التي نعيشها هي سلطة الاحتلال التي
أوصلتنا إلى هذا الحد .. موضحا ( إن هذا
لا يحدث في طور الباحة فحسب ولكنه عمل ممنهج في كل محافظات ومديريات الجنوب المحتل
) .
اسرة قسم النساء |
·
وقال الشيخ عبد السلام علي بن احمد المكمحي ( أخ المدير السابق ) عن
سبب إغلاق المستشفى وما آلت إليه ( إن
قيام المدير العام ومدير مكتب الصحة بالمديرية بتحريض الممرضين والموظفين من عدم
الحضور للعمل وتوقيف اعتمادات المستشفى .) مبينا ( إنهم قاموا بالاتصال ببعض الدكاترة والموظفين
لتحريضهم على عدم الحضور وتهديدهم بان من يداوم في المستشفى سوف يتم الخصم من
رواتبهم مما أدى إلى تعطيل العمل في المستشفى ) وقد قال موضحا عن سبب استقالة
المدير السابق ( لقد عجز عن تأدية مهامه بسبب المدير العام ومدير مكتب الصحة فقد
قدم استقالته إلى المحافظ وتم تكليف شخص آخر ولم يتمكن إلى يومنا هذا من استلام
المستشفى ) .
كما كان لنا لقاء مع مقاول التغذية في المستشفى الأخ / محمد عبده الذي أفاد قائلا : ( لقد تم توقيف المخصصات الخاصة بالتغذية من قبل المدير العام لفترة شهرين وقد أشعرت المحافظ بذلك الذي وجه بتسليمها ولكن للأسف رفض تلك الأوامر) موضحا ( لقد استمرينا بتقديم التغذية كواجب إنساني للمرضى ) وقال : ( إن السبب وراء ذلك هو السرقة والنهب لكل شيء في المستشفى ولذلك تم إغلاقها وإخلائها من الموظفين .. وهذا يعد تأمرا من قبل مدير المديرية ومدير الخدمات الصحية ) .
مكتب المختبر |
غرفة التوليد |
مدخل قسم التمديد نساء |
قسم الرجال |
مرضى يشكون حضهم العاثر أمام المستشفى المغلق |
·
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق